النصيري ينصر أسود الأمة

بواسطة Salwa.Alkheir , 11 ديسمبر 2022

خطوة واحدة فقط ويضع "أسود الأطلس" العرب لأوّل مرّة في مباراة نهائي المونديال باسم المغاربة الأبطال الذين تغنّت كُلّ المُدن والقُرى من المشرق إلى المغرب العربي بهم، وهُم يدكّون حصون البرتغال بالمطرقة الرأسيّة التي استوجبت قفزة فضائيّة بعلوّ (2.72 متر) من المهاجم يوسف النصيري نصرَ بها الكرة العربية المهزومة من سنين طويلة نتيجة سوء التقدير والتهليل بالتأهّل الشرفي في حال انتهاء تصفيات القارّات.

في ملاعب البيت والثمامة والمدينة التعليميّة، عزّز الأسود الثقة في قلوبهم القويّة، ولم يحسبوا أي حساب للتاريخ الأوروبي المستحوِذ على ألقاب كؤوس العالم، وسطوع نجومه منذ انطلاق البطولة عام 1930، وراحوا يتسلّقون قِمم المجد بدعم عربي مُنقطع النظير شكّل أعداداً كبيرة من نسبة حضور الجماهير حتى انتهاء الدور رُبع النهائي ما يقارب 3 ملايين مشجّع، وتمكّنوا من حجز أماكنهم في الدور نصف النهائي، وهو إنجاز بحدِّ ذاته، ويُمكن لهم أن يُضيفوا له منجز التنافس على اللقب في واحدة من أهم مُعجزات الرياضة في هذا الزمن.

ياسين بونو وأشرف حكيمي ويحيى عطية الله ورومان سايس وجواد الياميق وعز الدين أوناحي وسفيان أمرابط وسليم أملاح وحكيم زياش وسفيان بوفال ويوسف النصيري وبقيّة فرقة الأسود يستحقّون أن تُعلَّق صورهم في الساحات الكُبرى لجميع عواصم الدول العربيّة بهدف الاحتفاء بهم بعد إسدال الستار على بطولة كأس العالم في قطر يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سواء أبلغوا النهائي أم لا، ففي كل الأحوال سيعودون إلى وطنهم مرفوعي الرؤوس بعدما سطّروا أروع نماذج البسالة للشخصيّة العربيّة المُقتدِرة على تحدّيات المونديال وقهر قوى مدارس الكرة العالمية.

لم يشأ المغاربة أن يهربوا من الباب الخلفي لمونديال قطر، فلحظة الإيمان بالنجاح لا يمكن أن تتكرّر في ظروف مُماثلة كالتي ساروا في طريقها مُنذ مواجهة كرواتيا وبلجيكا وكندا وإسبانيا، ووجدوا أن مدربهم الوطني، وليد الركراكي، يمنحهم حافز التواصل على مُلاحقة المنافسين واستخلاص الكرات منهم وصناعة الهجمات في كُلِّ متر من الملعب، وهو الأسلوب الأقرب إلى الفدائيّة في اقتناص الفرص بلا تهوّر.

كانت الأسود على موعدٍ مع كسب المعركة الفنيّة الخامسة بهدفٍ هو الأجمل تعبيراً عن مقوّمات الإنسان الهائِلة في التفوّق على الذات والتحليق بواقعيّة لرفع العلم؛ إبتهاجاً بالنصر الكروي للروح الجماعيّة التي عُدّتْ سرّ وصول المغرب إلى الدور قبل النهائي لأوّل مرّة عربيّاً وأفريقياً.

يمكن للمغاربة أن يضمّوا الديوك إلى ضحاياهُم؛ لا سيما أن مدرّبهم المتوجّس من مواجهتهم (ديدييه ديشامب) لم يُحسِن استخدام البُدلاء لمعاونة العناصر الأساسيّة التي أُرهقَتْ (مبابي وغريزمان وجيرو وتشواميني).

وليس مفاجِئاً أن يحرم ممثلو العرب أصحاب القمصان الزرقاء من الوصول إلى نهائي الكأس التي خطفوها في آخر نسخة قبل 4 أعوام، فهناك الكثير من نقاط الضعف في المنتخب الفرنسي التي غطّت عليها جرأة الحارس، هوغو لوريس، في أثناء دقائق لقاء إنجلترا، وخاصّة الاستسلام المُبكّر للمنافس، وعدم استمرار الضغط عند توالي الهجمات ضدّهم، ما يُشجّع المغاربة على إعادة سيناريو إبكاء رفاق رونالدو بأمرّ ممّا جرى في ملعب الثمامة.

لم يكن من السهل أن يحتفي أبناء المغرب بإقصاء أحّد المرشّحين الأوروبيين عن تكملة مشواره، لولا المدّ الجماهيري الأحمر الذي أضفى مشاعر البهجة فوق المدرّجات من الصغير والشاب والشابّة والشيخ مثل لوحة وطنيّة تثير حماسة اللاعبين لتقديم أفضل درجات العطاء كلّما رمقوها أثناء دفاعهم عن بلدهم.

أما الجماهير من الجنسيّات الأخرى لأمّة الضاد التي تفرّدت عن الأمم بحضارة عريقة وخالدة، آن الأوان أن تكتب تاريخها المونديالي من البطولة القطرية هذه لتمتدَّ المفاخر إلى بطولات قادمة متى ما وجدت فرقنا العناية الكبيرة والتحضير النموذجي نفسيّاً وفنيّاً مثلما تمّ الدفع بفرقة الأسود ليكونوا عنواناً عريضاً يتصدّر كل صُحف العالم صباح كل يوم.

وتبقى دروس هذه الملاحم الكرويّة المغربيّة أن تمثيل اللاعب المحلّي لفرق أوروبيّة مثل باريس سان جيرمان، وبايرن ميونيخ، وتشيلسي، وفيورنتينا وغيرهم؛ سيخدم منتخب الوطن في هكذا منافسات، ويقوّي اللاعب باستعداده البدني، ويطوّر ثقافتهِ في التصرّف بالكرة، وكيفيّة التعامل بمواجهة لاعبين متمرّسين بلا خوف، وهذه المزايا تُحسب للاعبي المغرب الذين يواصلون التألّق والنجاح في الدوريات الأوروبيّة إلى جانب عشرات النجوم ممّن وضعوا بصمات كبيرة في نسخ المونديال الماضية.

سائرون نحو منصّة التتويج في نهائي لوسيل بإرادة كبيرة، فلا تخذلوا الجماهير العربيّة التي وجدت فيكم مُكمِّلاً للعرس القطري بتنظيمه أميز بطولات المونديال، وجاء دوركم لتختموه بفرحة العُمر التي طال انتظارها، وليكون مسك الختام أنتم أسود الأمة قولاً وفعلاً.  

Image
اللاعب المغربي يوسف النصيري الذي سدد هدف التأهل لنصف النهائي
Opinion article
On
Source
Show in tags
Off
Caption
المغربي يوسف النصيري الذي سجل هدف التأهل لنصف النهائي (Getty)
Show Video
Off