وأنا أتابع المشهد داخل النادي الأهلي المصري ومطالبة جماهيره بضرورة رحيل المدرب البرتغالي ريكاردو سواريش، أجد نفسى أستعيد المشهد الشهير في الفيلم المصري القديم " توبة" بطولة عماد حمدي وصباح، حينما تجمَّع أهالي القرية حول منزل الأستاذ أحمد "عماد حمدي" للمطالبة بمغادرة الغازية "صباح" منزله وهم يهتفون "الغازية لازم تنزل.. الغازية لازم تمشى".
الأهالي أخذوا بالظاهر فرفضوا وجود الغازية في منزل الأستاذ أحمد الذى يقطن بمفرده مع أولاده وهما غير متزوجين ولم يبحثوا عن الأسباب الحقيقية لوجودها ولم يضعوا في الاعتبار السيرة الحسنة التي يتمتع بها الأستاذ أحمد بينهم.. نفس المشهد يكاد ينطبق على جماهير الأهلي وهي تهتف وبحدة على صفحات التواصل الاجتماعي تطالب برحيل المدرب البرتغالي سواريش بنهاية الموسم والتعاقد مع مدرب جديد.
هم أيضًا أخذوا بالظاهر وهو أن المدرب الذى تولى المهمة منذ أسابيع قليلة لم يحقق طموحاتهم فخسر الكأس في النهائي أمام الزمالك وفقد المنافسة على بطولة الدوري في أسابيعها الأخيرة ولم يظهر معه الفريق بالمستوى المطلوب، ولكنهم لم يتوقفوا عند الأسباب الحقيقة لفشل الرجل فى مهمته القصيرة!
فإذا سألت غالبية جماهير الأهلي وإذا تابعت مناقشاتهم على السوشيال ميديا؛ فستجد أغلبهم يرون أن معظم لاعبي الفريق غير صالحين للاستمرار ولا بد من استبعادهم إمّا لكبر السن أو فقد الحمية أو عدم القدرة على حمل تيشيرت الأهلي، وما أثقله من حمل! وإذا أحصيت الأسماء التي تذكُرها الجماهير والتي تطالب باستبعادها ستجدها تمثل 75% من القائمة الحالية!
وهنا يبرز السؤال لجمهور الأهلي، إذا كنت ترى أن كل هؤلاء اللاعبين الذين ذكرتهم لا يصلحون وترى أن الإدارة يجب أن تستغنى عنهم بالبيع أو الإعارة؛ فكيف تطلب من المدرب أن يُقدّم بهم الأداء المقنع ويحقق معهم الفوز المطلوب؟ حتى تلك الأسماء لم تتوفر للرجل، فمنهم المصاب ومنهم مَن طالبت الإدارة بمنحهم راحة.. وهل بالاحتياطي والناشئين تطلب من المدرب أن يصنع المعجزات، فيقدم الأداء الذى ينتزع الآهات ويحقق النتائج التي تأتي بالبطولات.. "طب إزاي يا مولانا؟"
نعم، قد يكون سواريش ليس بالمدرب القدير، وسيرته الذاتية تبدو عاديةً جدًا وليس فيها ما يجعله جديرًا بقيادة نادٍ كبير مثل الأهلي بطموحات جماهيره الكبيرة والمتعددة التي لا تتوقف عن حد، لكن هل حصل الرجل على فرصة حقيقية مثل أي مدرب؟ بمعنى أن يأتي قبل بداية الموسم فيختار قائمته بنفسه ويدخل فترة إعداد كما يريد بحيث من خلالها ينقل فكره وأسلوبه للاعبين فيتدربون ويحفظون قبل أن يخوضوا المباريات الرسمية.. وإذا كانت الإدارة هي بنفسها التي تعاقدت معه وهي التي طالبت المدرب بالاعتماد على العائدين من الإصابات وعلى الناشئين؛ فكيف تفكر، بل كيف قررت الاستغناء عنه؟!
وتجد بعض الجماهير تقارن بين المدرب سواريش وبين مانويل جوزيه الذى حقق أكبر النتائج في تاريخ الأهلي.. ولا أعلم على أيّ أساسٍ تتم المقارنة؟ هل لمجرد أن سواريش برتغالي كما هي جنسية جوزيه أم لأن جوزيه نفسه هو مَن بارك اختيار سواريش، عندما سأله الكابتن الخطيب قبل إتمام التعاقد؟
وأقول لجمهور الأهلي لا تُقارنْ جوزيه بغيره؛ لأنك عندما تريد أن تقارنه بغيره؛ فيجب أن توفر له نفس الأجواء التي عمل فيها جوزيه ونفس المواهب التي كانت معه، أي عليك أولًا أن توفر للمدرب عصام الحضري وعماد النحاس وأحمد فتحي ووائل جمعة وأبو تريكة ومحمد بركات ومحمد شوقي وأحمد حسن وخالد بيبو وعماد متعب، وثانيًا عليك إبعاد المدرب عن السوشيال ميديا والكتائب الإلكترونية ولا تجعل لها أي تأثير فيه أو في قرار الإدارة، وبعد ذلك "اعقدْ مقارنتك زي ما تحب!" هل كانت على أيام جوزيه سوشيال ميديا أصلًا مثلما هو الحال الآن؟!!