يتطلع المنتخب المغربي لتحقيق إنجاز آخر يُدوَّن في مسيرة الجيل الحالي بقيادة بونو وحكيمي وزياش ورفاقهم، حيث يشارك الأسود بقيادة المدرب الوطني وليد الركراكي، في كأس العالم قطر 2022 من المجموعة السادسة الحديدية إلى جانب كرواتيا وبلجيكا وكندا.
ويدلف بكم موقع winwin في رحلة عبر الزمن مع نسخة 1986، والتي استضافتها المكسيك، وشهدت مشاركة تاريخية للمنتخب المغربي.
شهدت هذه النسخة إنجازًا وإعجازًا لأول منتخب عربي وأفريقي يتصدر مجموعته في المرحلة الأولى من منافسات كأس العالم، بل إن المنتخب المغربي سطر تاريخًا سيعيش لسنوات وسنوات إلى أن يجدّ جديد في تاريخ المشاركة العربية والأفريقية في المونديال.
كانت هذه المشاركة الثانية تاريخيًا لمنتخب أسود الأطلس في كأس العالم، بقيادة الحارس المخضرم بادو الزاكي، وكوكبة من البارعين أمثال الظلمي، وعبد الكريم ميري، وبجيل رائع داخل الملعب وخارجه.
كأس العالم 1986 (المغرب - البرتغال)
جمعت هذه النسخة 24 فريقًا في 6 مجموعات، حيث بدأ المنتخب المغربي رحلته التاريخية من بوابة المجموعة السادسة إلى جانب منتخبات إنجلترا وبولندا والبرتغال، انتهت مباراة افتتاح المجموعة مع بولندا بالتعادل السلبي، مع فوز البرتغال على إنجلترا بهدف نظيف.
ثم في الجولة الثانية دخل منتخب المغرب المباراة أمام نظيره الإنجليزي الساعي لفوزه الأول لإنقاذ سمعته الكروية، وصمد رفاق الزاكي، وخرجت المباراة بنفس النتيجة السلبية، بينما على الجانب الآخر صححت بولندا الأوضاع وعدلت مسارها وفازت على البرتغال بهدف نظيف، ليصبح المنتخب المغربي ثالثًا بنقطتين وأمامه بولندا والبرتغال بثلاث نقاط لكل منهما، بينما إنجلترا في المركز الأخير بنقطة واحدة.
بعد تعقد الوضع في المجموعة وتقارب المستويات وعدد النقاط، ظن الجميع أن المنتخب المغربي لن يحالفه الحظ في الجولة الأخيرة وسيتعادل حتى أمام البرتغال التي تحتاج لهذه النتيجة أو الفوز لتضمن مقعدًا للدور التالي.
لكن المنتخب المغربي قلب الموازين أمام نظيره البرتغالي وبادر في أول 20 دقيقة بهدف أول أربك حسابات المنافس، بتوقيع عبد الرزاق خيري، ولم تستفق البرتغال من صدمة الهدف الأول حتى أردف خيري بهدف ثانٍ في الدقيقة 26، ليخرج المغرب منتشيًا بفوز مريح من الشوط الأول.
وبعد انطلاق صافرة الشوط الثاني في الدقيقة 62، ختم عبد الكريم ميري (كريمو) بثالث الأهداف التي كانت كفيلة بتأمين مقعد للدور الثاني بل ومركز الصدارة. بعد مباراة كانت مزيجًا من الإمتاع والإبداع والنتيجة والأداء الجماعي، وكأنها سيمفونية عزفت لتدخل التاريخ.
تأهل المغرب بـ 4 نقاط كأول منتخب عربي وأفريقي يتصدر مجموعته في كأس العالم بأداء أبعد ما يكون عن التمثيل المشرف أو المشاركة الصورية.
كأس العالم 1986 (المغرب - ألمانيا)
بعد أيام من الأفراح في عموم أرجاء المغرب والوطن العربي بمرور منتخب المغرب للدور الثاني لأول مرة في تاريخه، كان الصدام قادمًا لا محالة، فبعد تأهله أولًا على مجموعته، واجه أسود الأطلس ثاني المجموعة الخامسة حسب القوانين المتعارف عليها، وللصدف كان المنتخب الألماني العتيد، بدأت المباراة أمام 20 ألف متفرج، والقلوب تكاد تبلغ الحناجر، فالمنتخب الألماني يضم في صفوفه نجومًا مثل رومنيغيه وفولر وقائمة من اللاعبين الأشهر والأقوى عالميًّا.
مرت أحداث الشوط الأول بفرص متكافئة بين الفريقين، بل كان الفريق المغربي أفضل، مع تفوق لافت وأداء ولا أروع لبادو الزاكي، ثم ارتفعت حدة الأحداث، والألمان يشعرون أن المباراة قد تضيع منهم في أي لحظة، مع تكثيف للهجوم، وفرص ضائعة أمام رشاقة الحارس الزاكي وقرارات رائعة من خط الدفاع دون ارتكاب أخطاء.
بالكاد هي دقائق ثقيلة مرت على الفريقين حتى تحصلت ألمانيا الغربية على ركلة حرة في الدقيقة 87 من عمر اللقاء، إذ كان الجميع يقلب أوراقه بحثًا عن التمديد لشوطين إضافيين، على الأقل هكذا اعتقد بعض لاعبي المغرب، الذين اصطفوا في جدار بشري.
بينما انبرى لوتار ماتيوس لتنفيذ الركلة الحرة من مسافة لا تقل عن 40 مترًا، لكنه اعتمد على قوة التوجيه وليس التسديد، فأرسلها أرضية بين الحائط البشري الذي غالط الزاكي لتعانق شباك المرمى، وتنهي رحلة المغرب، بعد أداء كتبت عنه الصحف العالمية، وأسعد الجماهير العربية رغم الخسارة المونديالية.
كأس العالم 1998 (المغرب - إسكتلندا)
تجدد اللقاء للمرة الرابعة في تاريخ المشاركات المونديالية للمنتخب المغربي، والتي شهدت مشاركة 32 منتخبًا لأول مرة، حلت المغرب في المجموعة الأولى مع البرازيل والنرويج وإسكتلندا، وتسلح الفريق بجيل ذهبي آخر من أبرع اللاعبين ذوي الخبرات الأوروبية.
تعادل المغرب في مباراته الأولى إيجابيًا (2-2) مع النرويج، بعد تألق كاماتشو وحاجي، ثم التقى المغرب بحامل لقب النسخة السابقة البرازيل، وانتهى اللقاء بثلاثية برازيلية دون رد، ليتعقد موقف المغاربة في المجموعة بنقطة وحيدة، حتى أتت الجولة الثالثة والأخيرة، حيث يحتاج المنتخب المغربي للفوز على نظيره الإسكتلندي، بينما كان أسوأ المتشائمين للقاء الآخر بين البرازيل والنرويج، لا يتوقع إلا اكتساح البرازيليين للمباراة طولًا وعرضًا.
انطلقت المباراة وبعد الدخول في الأجواء أنهى صلاح الدين بصير الشوط الأول بالتقدم بهدف في الدقيقة 23، بينما النتيجة على الجانب الآخر هي التعادل وهي كافية لتأهل المنتخب المغربي ثانيًا للمجموعة، وبهذه الآمال تمسك المغاربة ودخلوا الشوط الثاني ليجهزوا على الخصم الإسكتلندي بهدف ثانٍ سريع لعبد الجليل حدة (كاماتشو) بعد دقيقتين فقط، ثم استمرت هيمنة أسود الأطلس على مجريات اللقاء ومع نهايته عاود صلاح الدين بصير التسجيل بثالث الأهداف في الدقيقة 85.
حتى هذه اللحظة كل المعطيات كانت تشير لصعود المغرب وخروج النرويج الضعيف نسبيًا مقارنةً بخصمه البرازيلي العتيد، والذي في نظر كثيرين تساهل في لعبه مع منافسه، بل وتعمد إهدار الفرص واللعب السلبي، حيث تقدم بيبيتو للسيليساو في الدقيقة 78 ثم بعدها فتح دفاعاته بغرابة شديدة وخلال خمس دقائق سجل توري أندريه فلو هدف تعديل النتيجة للنرويج.
وحتى مع هذه النتيجة فبطاقة الصعود كانت من نصيب الأسود، قبل أن تدوي صافرة الحكم في آخر دقيقة من اللقاء بركلة جزاء للنرويج والتي سجلها ريكدال، لتكتب هذه الجولة مؤامرة وتساهل واتفاق بين الجانبين البرازيلي والنرويجي واللعب السلبي في مسرحية هزلية لإخراج المنتخب المغربي ومنعه المرور إلى الدور الثاني.