ونحن نتابع ونرصد حاليًا بكل اهتمام وشغف، بورصة موسم الانتقالات الصيفية العالمية، أدرك تمامًا أن أكثر ما يزعج الأندية -كل الأندية في العالم- هو تورطها في صفقات كروية فاشلة، وإن شِئنا الدقة "فاسدة"، بفعل فشل اللاعب الصفقة في إثبات ذاته فنيًّا بعدما كبّد خزينة النادي الملايين، وتجد الإدارة نفسها محل انتقادات عنيفة، إعلاميًّا وجماهيريًّا، وإذا أراد النادي التخلص من تلك الصفقة الفاسدة فسيكون بين خيارين، كلاهما مر، الأول هو الاستغناء مجانًا عن خدمات اللاعب في أقرب "ميركاتو" والبكاء على ما دفعه، وما سيتم دفعه وفقًا لقيمة العقد ومدته، والخيار الثاني الاكتفاء بوجود اسمه فقط في القائمة دون مشاركة وتجنب الحديث عن وضعيته، حتى يسقط اسمه من ذاكرة الجميع.. قبل أن يعود ويتذكره الجميع في حال تقديمه شكوي ضد ناديه؛ إذا لم يحصل على كامل مستحقاته المالية.
وأتوقف هنا أمام صفقات لم تفشل فنيًّا وحسب، بزعم عدم تأقلم اللاعب، لا سيما الأجنبي مع الأجواء والمناخ والعادات والتقاليد وغيرها من الأعذار، وأشهرها تعنّت المدرب معه، وأعني هنا صفقات الخديعة الكبرى.
وأؤكد أن هناك أندية تكون ضحية لعمليات نصب يكون بطلها مدير أعمال اللاعب "السمسار" الذي يُخفي إصابة مزمنة يعاني منها اللاعب، وهي إصابات نادرًا ما يتم كشفها عند خضوع اللاعب للكشف أو الاختبار الطبي قبل التعاقد معه، وأتذكر أن الأهلي المصري تعاقد قبل سنوات مع مهاجم أنغولي، وبعدها تم اكتشاف إصابة اللاعب بثقب في القلب.
وقبل سنوات تعاقد الزمالك المصري مع النجم المغربي خالد بو طيب، ولم يشارك لأنه لأغلب الوقت يخضع لعمليات خارجية بفعل إصابة مزمنة، واسمه لا يرتبط مع النادي الأبيض ببطولات؛ لكن في شكواه التي رفعها للاتحاد الدولي "فيفا" مُطالِبًا بكامل مستحقاته المالية، رغم مشاركاته التي تُعَدّ على أصابع اليد الواحدة، وقبل أيام ذكرت تقارير إعلامية سعودية أن نادي النصر بصدد الاستغناء عن خدمات لاعبه الأوزبكي الدولي جلال الدين ماشاريبوف، وأن النادي يسعى للتخلص من اللاعب ببيع المدة المتبقية من عقده، أو فسخ عقده بالتراضي بعد اكتشاف إصابته المزمنة.. وهناك العشرات بل المئات من القصص المماثلة.
الورطة التي تعاني منها الأندية بفعل تلك الصفقات الفاسدة وعدم قدرتها على فسخ التعاقد "مجانًا" مع أي لاعب وإلزامها بدفع كامل قيمة العقد، جعلتني أتذكر واقعة شهيرة كان بطلها نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي قبل 6 أشهر من انطلاق كأس العالم.
عام 2014 بالبرازيل، تلقى الشعب الكولومبي خبرًا صادمًا بتعرض نجمه وأمله راداميل فالكاو الذي كان وقتها محترفًا في موناكو الفرنسي لإصابة كبيرة تمنعه من المشاركة في فعاليات المونديال المنتظر في قارتهم.. وهي إصابة استغرق النمر الكولومبي فيها ما يزيد عن السبعة أشهر للتعافي الكامل منها.. وبعد الشفاء والعودة إلى الملاعب، رحل فالكاو إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي على سبيل الإعارة؛ ولأن التعاقد كان على سبيل الإعارة، كانت إدارة النادي الإنجليزي قلقةً من تجدُّد الإصابة مرة أخرى، لذا حرص مسؤولو النادي على وضع بند في التعاقد يتيح لهم إرجاع صفقة راداميل إلى موناكو الفرنسي مرةً أُخرى، واسترداد قيمة التعاقد في حال تجدد الإصابة.
كان الأمر أشبه بالفاتورة التي يحصل عليها المشتري من المتاجر عند شراء أي سلعة، فاتورة تتيح لك استرداد نقودك وردّ البضاعة أو استبدالها خلال 14 يومًا من تاريخ الشراء، فالبضاعة المبيعة تُرَدّ وتُستبدل!.. أعتقد أن الأندية باتت الآن في أمسّ الحاجة إلى التعامل في صفقاتها بشعار "الصفقات المبيعة.. تُرَدّ وتُستبدَل"!!.