عادت ليالي بطولة دوري أبطال أوروبا الجميلة، هكذا علق عشاق كرة القدم على ريمونتادا برشلونة أمام بنفيكا في ملعب "النور" بالعاصمة البرتغالية لشبونة، عندما حول "البارسا" تأخره (4-2) إلى فوز في الوقت القاتل بنتيجة (4-5).
لقد انفجر نجوم "البارسا" فرحًا بهذه الانتصار العظيم، وارتفعت نسبة "الأدرينالين" لدى مشجعيه، وأعاد هذا المشهد الدراماتيكي السينمائي كلمة "الريمونتادا" للتداول مجددًا بين محبي ومشجعي الفرق الأوروبية والعالمية.
مصطلح "الريمونتادا" هي كلمة إسبانية تعني "العودة" في النتيجة أو "الرجوع"، وظهر في إسبانيا خلال خمسينات القرن الماضي، ولكنه اختفى قليلًا، ثم عاد ليطل مجددًا في ثمانينات القرن الماضي بفضل روح نجم نادي ريال مدريد السابق الراحل خوانيتو، وانتشر بشكل أكبر مع تطور وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، في ريمونتادا برشلونة التاريخية أمام باريس سان جيرمان.
وفي هذا التقرير، يستعرض موقع "winwin" قصة خوانيتو أسطورة ريال مدريد مع الريمونتادا، وجنون برشلونة في مباراته التي لا تنسى أمام باريس سان جيرمان، بالإضافة إلى أبرز وأهم قصص الريمونتادا في تاريخ كرة القدم.
روح خوانيتو مرادفة لكلمة "الريمونتادا" في كرة القدم
"إيا إيا إيا خوانيتو يا رائع" هي عبارة يصرخ بها مشجعو نادي ريال مدريد في المباريات المصيرية لفريقهم، عندما يكون متأخرًا في نتيجة إحدى المباريات، ويحتاج إلى تحقيق "الريمونتادا" للفوز والتأهل.
وهذه العبارة لها علاقة بأسطورة ومهاجم نادي ريال مدريد السابق خوان غوميز غونزاليس المعروف باسم "خوانيتو"، والذي حمل قميص الفريق الملكي بين عامي 1977 و1987، وأصبحت روحه مرتبطة بـمصطلح وكلمة "الريمونتادا".
وفاز الريال بلقب كأس الاتحاد الأوروبي (يوروبا ليغ حاليًّا) موسم 1984-1985، ولكنه واجه صعوبات في النسخة الموالية للمسابقة موسم 1985-86، عندما خسر في ذهاب ثمن النهائي أمام بوروسيا مونشغلادباخ الألماني بنتيجة (5-1).
وهنا ظهرت روح خوانيتو وإرادته الكبيرة وشخصيته القوية لدفع زملائه نحو تحقيق "الريمونتادا" في مباراة الإياب، وبالفعل حدثت المعجزة، وفاز الفريق الملكي بنتيجة (4-0)، وتأهل في مجموع نتيجة المباراتين (5-5)، ورغم تسجيل الأرجنتيني خورخي فالدانو والإسباني كارلوس سانتيانا لثنائية لكل واحد منهما في رباعية الريال، إلا أن روح وإصرار واحتفال خوانيتو بالقفز بعد نهاية المواجهة، كانت المشهد الأبرز في ذلك التأهل التاريخي.
ريمونتادا ريال مدريد أمام بوروسيا مونشنغلادباخ وظهور روح خوانيتو
وفي الدور نصف النهائي لذات النسخة والموسم، تكرر نفس الأمر مع ريال مدريد، حيث خسر ذهابا بنتيجة (3-1) أمام إنتر ميلان الإيطالي، واحتفل لاعبو "النيراتزوري" كثيرًا بهذا الانتصار، ولكن روح خوانيتو ظهرت مرة أخرى، عندما ذهب إلى لاعبي الفريق الإيطالي، وأخبرهم أن الـ 90 دقيقة ستكون فترة طويلة في ملعب الريال خلال لقاء الإياب.
ومثلما قال خوانيتو، كانت مواجهة الإياب صعبة على إنتر ميلان، حيث فاز ريال مدريد بنتيجة (5-1)، وحقق الريمونتادا في مجموع المباراتين (6-4)، وظهرت روح وتأثير خوانيتو النفسي مرة أخرى، رغم غيابه عن التسجيل، حيث سجل خماسية "الميرنغي"، كل من المكسيكي هوغو سانشيو في مناسبتين والإسباني ساناتينا هدفين أيضا، فيما سجل الإسباني الآخر غورديو هدفًا آخر.
وتأهل ريال مدريد إلى النهائي، وفاز باللقب مرة أخرى على حساب نادي كولن الألماني بنتيجة (5-3) في مجموع مباراتي الذهاب والإياب، وترسخت روح خوانيتو في ذاكرة وقلوب عشاق الفريق الملكي.
ورغم رحيله عن هذا العالم في حادث سير عام 1992، إلا أن خوانيتو لا يفارق وجدان "المادريديستا"، والذين يتذكرون روحه دائمًا في اللحظات الصعبة التي يحتاج فيها فريقهم لـ "الريمونتادا" من أجل الفوز، عندما يصرخون بأعلى صوتهم: "إيا إيا إيا خوانيتو يا رائع".
الريمونتادا وجنون برشلونة أمام باريس سان جيرمان.. لحظة تاريخية
وبعد كل ما فعله خوانيتو مع ريال مدريد، استطاعت العديد من الفرق والمنتخبات أن تحقق الكثير من حالات "الريمونتادا" في عالم كرة القدم، ولكن هذا المصطلح عاد للتداول والانتشار بقوة، بسبب مباراة برشلونة ضد باريس جيرمان في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا موسم 2016-17.
وخسر برشلونة في مباراة الذهاب بنتيجة (4-0) على ملعب "حديقة الأمراء" في العاصمة الفرنسية باريس، ووصف الخبراء والمختصون وعشاق كرة القدم، عودته في مباراة الإياب، وتحقيقه للتأهل بملعب "كامب نو" بالمهمة "المستحيلة".
ريمونتادا "البارسا" التاريخية أمام باريس سان جيرمان
وتقدم برشلونة إلى حدود الدقيقة الـ 50 بثلاثية من دون مقابل، ولكن الأوروغواياني إيدنسون كافاني مهاجم "البي. إس. جي" السابق، أسكت كل أنصار الفريق الكتالوني الحاضرين في ملعب "كامب نو" بتسجيله لهدف لمصلحة باريس سان جيرمان في الدقيقة (62)، وهنا أصبحت مهمة "البارسا" في التأهل أكثر من مستحيلة.
وإلى غاية الدقيقة (87) كان النادي الكتالوني مقصى رغم تقدمه في النتيجة بثلاثة أهداف لهدف واحد، ولكن نجمه السابق البرازيلي نيمار سجل مخالفة جميلة في الدقيقة (88)، موقعًا الهدف الرابع لفريقه، ثم أضاف الهدف الخامس عن طريق ركلة جزاء في الدقيقة (90+1).
وفي الوقت الذي كانت تتجه المباراة إلى نهايتها بإقصاء برشلونة، رغم تقدمه بخمسة أهداف لهدف واحد، حدثت المعجزة ووقع زلزال حقيقي في ملعب "كامب نو"، بتسجيل سيرجي روبيرتو لهدف برشلونة السادس وهدف التأهل في الدقيقة (90+5)، وذلك في لحظة تاريخية وأسطورية لن تمحى من ذاكرة عشاق الفريق الكتالوني، إنها "الريمونتادا"، بل إنها "الريمونتادا الإعجازية".
ما بين برشلونة وخوانيتو.. ريمونتادا ألمانيا ومانشستر وليفربول لن تمحى من الذاكرة
وما بين روح خوانيتو في ريال مدريد وجنون برشلونة أمام برشلونة، شهد تاريخ كرة القدم حدوث العديد من حالات "الريمونتادا"، ويمكن أن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، ريمونتادا منتخب ألمانيا أمام المجر في نهائي كأس العالم 1954.
وتقدم منتخب المجر بهدفين نظيفين في النهائي الذي احتضنه ملعب "وانكدورف" في مدينة بيرن السويسرية، ولكن منتخب ألمانيا الغربية عاد في نتيجة ذلك النهائي "الممطر"، والذي أقيم على أرضية زلجة، وأنهى المباراة لمصلحته بنتيجة (3-2)، وتوج بلقب كأس العالم، وذلك في مواجهة شهدت ظهورة أسطورة أحذية "أديداس" بالمسامير، والتي ارتداتها لاعبو منتخب ألمانيا بطلب من مدربهم سيب هيربرغر، وساعدتهم على الفوز بالنهائي وحصد لقب المونديال.
ومن منا يمكنه نسيان ريمونتادا نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي أمام بايرن ميونخ الألماني في نهائي دوري أبطال أوروبا موسم 1998-1999 بملعب "كامب نو"؟، عندما كان "الشياطين الحمر" متأخرين في النتيجة بهدف من دون مقابل، ليقلبوا الوضع في الدقائق الأخيرة من المباراة، ويفوزوا بالنهائي واللقب بهدفين لهدف واحد في سيناريو مجنون وغير طبيعي.
أما المباراة الأخرى التي تبقى محفورة في ذاكرة عشاق كرة القدم، فكانت بين ليفربول الإنجليزي وميلان الإيطالي في نهائي دوري أبطال أوروبا موسم 2004-05، عندما كان "الروسونيري" متقدمًا في النتيجة بثلاثية نظيفة، ليعادل بعدها "الريدز" الكفة، ويفوز في النهائي ويتوج باللقب بركلات الترجيح في سيناريو دراماتيكي وهيتشكوكي، تجسد تفاصيله المعنى الحقيقة لكلمة ومصطلح "الريمونتادا".