يقولون الهند أم العجائب.. ولكن المؤكد أنه في مجال كرة القدم، فإن مصر هي أم و"أبو" كل العجائب "كمان"!
ونحدثكم اليوم عن إحدى تلك العجائب؛ عجيبة بعنوان "الدوري أهم من التعليم والدراسة والمستقبل في مصر".
إذا عرضت عليك جداول مباريات كل بطولات الناشئين في كل المراحل السنية وفي كافة البطولات، أكاديميات ودوري المناطق ودوري الجمهورية، فالمؤكد أنك ستظن أن تلك الجداول غير صحيحة على الإطلاق، وستتعجب وأنت لا تصدق أن مواعيد المباريات في كافة البطولات تبدأ منذ الصباح وحتى آخر نهار كل أيام الأسبوع، متزامنة مع مواعيد الدراسة، وهذا يعني أن الطلبة يضطرون للانقطاع عن مدارسهم من أجل خوض المباريات 3 مرات أسبوعيًا على الأقل.
وعندما نقلت غضب أولياء الأمور، الذين تكبدوا الآلاف من الجنيهات من أجل منح أولادهم فرصة تحقيق رغبتهم وحلمهم، من تضارب مستقبل أولادهم (الدراسي مع الرياضي) إلى مسؤولي اتحاد الكرة المصري، كانت الإجابة الصادمة: "نعمل إيه بس رمضان جاي وكل سنة وأنت طيب.. لازم ننهي كل البطولات قبل بداية الشهر المبارك.. صعب الأولاد يلعبوا وهم صايمين .. ده حرام علينا"، وكان ردي على تلك الإجابة الصادمة: "وهل اللعب في ليل رمضان حرام شرعًا؟".
وهل هناك ما يمنع من توقف البطولات في رمضان واستكمالها فيما بعد؟ وهل انقطاع الطلبة عن مدارسهم وتعليمهم "مش حرام"؟.. وكانت الإجابة حاضرة: "بعد رمضان تبدأ الامتحانات.. حرام نضيع مستقبلهم الدراسي".. وضحكت من تلك الإجابة.
وتوجهت إلى خالد بيبو نجم الكرة المصرية السابق ومدير قطاع الناشئين بالأهلي -حاليًا- لمناقشته في أمر تضارب المستقبل الكروي والتعليمي لمئات الآلاف من ناشئي الكرة في مصر، وجدته يضحك ساخرًا، قائلًا: "مع الأسف، بطولات الناشئين في مصر تُقام بنظام "سلق البيض"، اتحاد الكرة كل همه إقامة البطولات فقط دون دراسة أو تخطيط، البطولات تقام في 3 شهور فقط من ديسمبر/ كانون الأول إلى مارس/ آذار من كل عام، في ظل الموسم الدراسي، والناشئ يظل يتدرب 9 شهور أغلبها في فترة الصيف والإجازة دون هدف".
مع الأسف اتحاد الكرة لا يستشير أحدًا، وذكرني بالفشل المتتابع لكل منتخبات الناشئين في مصر وصولًا لمنتخب الشباب في كل البطولات، وتركني أتحسر على مستقبل الكرة المصرية.
وفي مساء نفس اليوم، وعلى إحدى القنوات الفضائية فوجئت بشخص قام بشراء قطاع الناشئين في أحد الأندية الجماهيرية، وبسؤاله عن تضارب مواعيد البطولات مع الدراسة، ابتسم في وجه المذيع قائلًا: "الكرة أهم من التعليم يا بيه"!.. جملة سمعها الملايين، هلل لها اللاعبون، وأغضبت أولياء الأمور، ولم يعلق أو يعقب عليها أي مسؤول.