كرة الثلج تكبر وتكبر والكل يكتفي بالمشاهدة وإلقاء اللوم على الطرف الآخر.. الموقف يتصاعد بطريقة مخيفة ومثيرة ولا يتدخل عاقل لنزع فتيل الأزمة.
أتكلم عن التصدع الخطير في علاقة شعبي وادي النيل مصر والسودان .. الموقف جد خطير والكل يتعامل باستهانة مع تطور ردود الأفعال لمباراة الأهلي المصري والهلال السوداني.
معقولة يا عالم! مجرد مباراة في كرة القدم تؤدي إلى هذا الشحن والغضب غير المسبوق، وآخرها كان بيان نادي الهلال العنيف الذي قالها بـ"الفم المليان" إن (علاقة الأهلي والهلال انتهت إلى الأبد)، وتَوعّد البيان بأخذ حق الهلال حتى وإن طال الوقت.
مبدئيًّا لا أُحمّل طرفًا بعينه مسؤولية هذه الأزمة الكروية التي نعيشها حاليًا، ولا أميل إلى نظرية المؤامرة التي ذهبت إلى وجود طرف ثالث يشعل الأجواء، وبالمناسبة "إحنا كعرب" عمومًا نميل إلى نظرية الطرف الثالث؛ لأنها تعطي (صك البراءة) لأطراف الأزمة الحقيقيين.
أتصور أن الأزمة الحقيقية بدأت في أم درمان وتم استكمال السيناريو في استاد القاهرة.
الكل مخطئ.. الكل مذنب، الأخوة في الهلال أعطوا المباراة أكبر من حجمها، ونفس الكلام على مجلس الأهلي الذي تصور أنها مباراة القرن أو نهائي كأس العالم.
الكل لعب على وتر الجمهور، ودائمًا وأبدًا تلعب السوشيال دور البطولة المطلقة في إشعال الأزمات.. (فيديوهات) هنا وهناك ما أنزل الله بها من سلطان كفيلة بتدمير علاقات شعوب وليس أندية.. فيديوهات جماهير الأهلي والهلال تبث السموم وتنفخ في النار.
والأمور تتطور بصورة مذهلة، حتى أن إدارة الناديين أصبحت كما قلنا تلعب على وتر الجمهور وتصدر تصريحات وبيانات في هذا الاتجاه.
بل من المفروض أن التصريحات والبيانات تصدر في الاتجاه المعاكس؛ اتجاه التهدئة.. وكنت أتخيل وأتمنى أن يبدأ مجلس الأهلي وكابتن محمود الخطيب -وهو الفائز بالمباراة- بمد يده والتعامل بذكاء وهدوء واحتواء وإصدار بيان تاريخي باعتباره الشقيق الأكبر.
لا بد من وقف سباق تقطيع الأواصر والعلاقات التاريخية بين شعبي وادي النادي، وأتمنى عدم تكرار سيناريو مصر والجزائر القديم بسبب مباراة تصفيات المونديال في السودان.. ملعونة كرة القدم إذًا فرقت بين الشعوب.. فلتذهب الكرة إلى الجحيم إذا تسببت في القطيعة. الرياضة تُقرِّب لا تُبعّد، ورمضان كريم.