في أحد أشهر أفلام الكوميديا في تاريخ السينما المصرية "ابن حميدو" بطولة الفنان الكوميدي الأسطوري إسماعيل ياسين، نجح فنان كوميدي آخر في سرقة الأضواء من ابن حميدو (لقب إسماعيل ياسين في العمل)، وهو الفنان الراحل عبد الفتاح القصري والذي لعب دور الريس حنفي، واشتهر بجملته الخالدة: "أنا لا ممكن أرجع في كلمتي أبدًا"، قبل أن يتراجع عنها في كل مرة أمام جبروت زوجته.
تذكرت هذا المشهد، وأنا أرصد الحالات والقرارات التي تراجع فيها اتحاد الكرة المصري خوفًا من جبروت الأهلي والزمالك، وكان آخرها إعلانه الموافقة على مشاركة القطبين الكبيرين الأحمر والأبيض في بطولة الأندية العربية المزمع إقامتها في السعودية الصيف المقبل.
كان رئيس الاتحاد المصري الحالي جمال علام مثل غيره من سابقيه ممن تولوا رئاسة "جبلاية" الكرة المصرية يجسد شخصية "الريس حنفي" وهو الذي أقسم قبل بداية الموسم الحالي بعدم السماح لأي نادٍ مشارك في أي من بطولتي الأندية الأفريقية، بالمشاركة في أي بطولة أخرى في ظل ضغط الموسم الكروي في مصر.
وقبلها كان الاتحاد المصري يغلق باب القيد في موسم الانتقالات الصيفية في وجه نادي الزمالك على خلفية قيام النادي الأبيض بتسوية مديوناته لدى الاتحاد والتي بلغت حوالي 70 مليون جنيه مصري (حوالي مليونين وربع المليون دولار تقريبًا) رفض الاتحاد كل الضغوط لاحتواء الأزمة التي كانت الأولى من نوعها، وخاطب الاتحاد الدولي، ورد الأخير بأن الأمر شأن داخلي، وهو الرد الذي اعتبره الجميع هزيمة للجبلاية الذي رضخ وأعلن قيد ثلاثي لاعبي الزمالك الذين تم التعاقد معهم، وأعلن رئيس الزمالك انتصاره على اتحاد الريس حنفي.
الريس حنفي بات شخصية كل من يتولى إدارة شؤون الكرة المصرية، هو من يقسم بأغلظ الأيمان أنه لن يؤجل أي مباراة لأي نادٍ مهما كانت الظروف والأسباب، وحتى لو كان الفريق يشارك في بطولة قارية أو دولية باسم مصر، ولكن وقت الجد والصدام يتراجع الريس حنفي ويؤجل المباريات، ليجد نفسه مطالبًا بأن يطبق شعار المعاملة بالمثل إذا ما طلب نادٍ آخر نفس الأمر سواء كان الأهلي أو الزمالك.
والأغرب أن نجد من يجلس على كرسي وزارة الشباب والرياضة يكون أكبر عوامل الضغط على الريس حنفي للتراجع عن قراره وفرمانه، حيث سبق أن جلس وزير الرياضة الحالي أشرف صبحي مع محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي ليطالبه بخوض مباراة في الدوري، كما تدخل أكثر من وزير سابق للضغط على رئيس الزمالك لقبول قرار الاتحاد.
وإذا سألت أي مسؤول بالاتحاد عن سبب التراجع عن كل القرارات بطريقة باتت معروفة مقدمًا بل بعضهم يراهن على التراجع، فيجيبك أن الاتحاد لا يمتلك ظهيرًا إعلاميًا أو جماهيريًا للدفاع عن قراراته مثل الأندية الجماهيرية، ويشير لك إلى أيقونة الزمالك حازم أمام عضو مجلس إدارة الاتحاد الحالي، وكيف يتهم من قبل إدارة وإعلام ناديه بأنه يقف ضد مصلحة الزمالك.
ويلفت نظرك إلى الحرب التي يتعرض لها محمد بركات نجم الأهلي السابق وعضو الاتحاد الحالي من قبل جماهير ناديه الأهلي، رغم أن الاتحاد منذ سنوات حرص على إنشاء جيش إعلامي خاص له لمواجهة كتائب الإعلام الحمراء والبيضاء، إلا أن جيشه الإعلامي فشل في الدفاع عن الجبلاية، وإذا أخبرت ذات المسؤول أن هناك اتحادات قوية تجبر كل الأندية وأفراد المنظومة على احترام وتنفيذ قراراتها، يرد ساخرًا: "يا عم الكلام ده في أوروبا والدول المتقدمة" ويبتسم في وجهك ويتركك في حالة اندهاشك.