اتحادات كرة القدم العربية.. منصب الرئيس يحتمل الاستثناء

بواسطة boulbaba.harrabi , 25 مارس 2020

بولبابة الهرابي

تحتمل كرة القدم الاستثناء مثلها مثل بقية المجالات الأخرى، وإن اعتلاء سدة حكم اتحاد اللعبة الأكثر شعبية في عالمنا العربي ليس خارجاً عن هذا الاستثناء، فالمطّلع على السير الذاتية لرؤساء اتحادات كرة القدم العربية الحاليين يدرك ذلك، ويتساءل عن صلتهم الوثيقة بالساحرة المستديرة.

ينظر شق من المعارضين للاستثناء أن منصب رئيس اتحاد كرة القدم لا يحتمل إلا أهل الاختصاص؛ مثل لاعب قديم أو مدرب ومسير لهما من الشهادات الكافية للتسيير في المجال الرياضي، بينما يؤيد بعضهم الآخر الطرح الذي يقول: إن الأفضل ليس دائماً من داخل المجال نفسه، وإن إدارة دواليب كرة القدم أو غيرها لا تستدعي سيرة ذاتية حافلة بالإنجازات، بقدر ما تحتاج لعقل يحسن التدبير والتسيير الإداري. 

اعتلى كرسي اتحاد كرة القدم في بلادنا العربية حالياً خريجو جامعات الطب والهندسة والتعليم والتربية الإسلامية وأيضاً رجال أعمال ولاعبين سابقين. ونحاول هنا التطرق للتكوين الأكاديمي لبعض رؤساء الاتحادات العربية وعلاقتهم بكرة القدم.

شدّاد..  الرئيس الفيلسوف

لم يثنه تكوينه وشهادته العالية في مادة الفلسفة من التوغل في عالم كرة القدم، الذي تربطه به علاقة وطيدة، فالرئيس الحالي للاتحاد السوداني كمال شداد المنتخب عام 2017، سبق له أن داعب المستديرة بصفته لاعباً في منتصف الخمسينيات بنادي "أبو عنجة" درجة أولى بالخرطوم. وقد تقلص أداء شداد الأكاديمي الفلسفي لمصلحة كرة القدم تقلّصاً ملفتاً، ودفعه الشغف بهذه اللعبة بقوة نحو عالم التدريب؛ إذ عمل "الفيلسوف" مدرباً لثلاثة أندية سودانية، من بينها فريق الهلال الذي نجح معه في بلوغ المباراة النهائية في كأس أندية أبطال الدوري الأفريقي ضد الأهلي المصري في ديسمبر عام 1987.

"الخبير" كما يطلق عليه في السودان عمل مديراً (فنياً وإدارياً) للفريق الوطني السوداني في الفترة بين عامي (1964ـ 1967)، وفاز بالميدالية الفضية في بطولة الألعاب العربية بالقاهرة عام 1965، كما فاز مع السودان بالكأس والميدالية الذهبية في دورة الصداقة لدول شرق أفريقيا بالخرطوم 1967. تمتد فترة ولاية الدكتور كمال شداد على رأس الاتحاد السوداني حتى عام 2021، ويأمل السودانيون أن تتوج بإنجاز جيد للكرة السودانية، ولا سيما منتخب "صقور الجديان"، الذي عاد لتصفيات كأس العالم 2022 بقطر، بعد غيابه عن تصفيات مونديال روسيا 2018.

زطشي..  فن المزج بين الكرة والأعمال

عقب توليه رئاسة الاتحاد الجزائري لكرة القدم عام 2017 خلفاً لمحمد راوراوة، طُرحَت أسئلة عدة حول خير الدين زطشي، لاسيما ممن لا يعرفون عن الرئيس الجديد سوى أنه رجل أعمال ومستثمر في مواد البناء.

الحقيقة أن زطشي (55 عاماً) ليس شخصاً غريباً عن عالم المستديرة، بل وُلِد من رحمها؛ فقد سبق له ممارسة كرة القدم بصفته لاعباً مع فريق حيدرة؛ أحد أندية العاصمة الجزائرية، وعلى الرغم من أنه لم يُذكر له إنجاز بصفه لاعباً، إلا أن زطشي برهن على نجاحه فيما بعد في عالم التسيير الرياضي.

وضع زطشي بصمته في مجال التسيير الرياضي عبر تكوينه لأكاديمية نادي بارادو لكرة القدم، التي أثمرت بعد سنوات باكورة الجهد، وذلك بوجود فريق بارادو منافساً في دوري الدرجة الأولى الجزائري.

هذا الجمع بين خبرات اللاعب والمسير الرياضي ورجل الأعمال، أوصل زطشي عام 2017 لمنصب رئيس الاتحاد الجزائري، ويعد أكبر إنجاز لزطشي على رأس الاتحاد هو اعتلاء منتخب الجزائر منصة التميز في كأس أمم إفريقيا عام 2019 بمصر، وقد عُيِّن زطشي عام 2019 رئيساً لاتحاد شمال أفريقيا لكرة القدم.

الطبيب والمهندس ورجل الأعمال

عمرو الجنايني هو رجل أعمال واقتصادي مصري، ويشغل منصب الرئيس التنفيدي للبنك التجاري الدولي، عُيِّن مؤخراً رئيس اللجنة الخماسية المعينة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم لإدارة الاتحاد المصري للعبة عقب استقالة هاني أبوريدة لاعب كرة قدم مصري سابق. شغل منصب عضو مجلس إدارة بنادي الزمالك خلال الفترة من 2006 إلى 2013، وعضو مجلس إدارة صندوق دعم الرياضة.

واعتمد الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" اللجنة التي تدير اتحاد الكرة المصري مؤقتًا لحين انتخابات نهاية العام المقبل، وسيتولى الجنايني إدارة هذه اللجنة حتى 31 يوليو 2020. ترك وديع الجريء رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم، أروقة العيادات الطبية ليلتحق بإدارة الاتحاد التونسي بعد أن انتُخِبَ لهذا المنصب عام 2012، ومنذ ذلك الوقت وهو يقود دفة الاتحاد التونسي.

وقد تحدثت إدارة "الدكتور" وديع عن إنجازات العام المنقضي خاصة على مستوى ترتيب المنتخب الأول 27 عالمياً والثاني إفريقياً والأول عربياً، ووفق إدارة الجريء فهذا يعد تطوراً مقارنة بالفترة التي سبقت تولي الطبيب مقاليد التسيير؛ لأن المنتخب التونسي كان في فترة ما قبل الجريء يشغل المركز الـ 57 عالمياً والتاسع إفريقياً والرابع عربياً. كما نجح في فترة إدارة الجريء منتخب نسور قرطاج في التأهل مع المنتخب إلى أمم أفريقيا وكأس العالم، على الرغم من عدم تحقيقه لنتائج جيدة.

من جانبه كان فوزي لقجع رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم الحالي لاعباً في فريق الناشئين بفريق مسقط رأسه نهضة بركان، لكنه لم يكمل مشواره الكروي وركز جهوده في الدراسة وتخرج مهندساً زراعياً، لكن عاوده الحنين لكرة القدم عندما تقلد منصب رئيس نادي نهضة بركان عام 2009، قبل توليه عام 2013 إدارة الاتحاد المغربي ليصبح الرئيس رقم 15 في تاريخ اتحاد اللعبة.

الشلماني.. من صافرة التحكيم إلى كرسي الاتحاد

وانتقل رئيس الاتحاد الليبي عبد الحكيم الشلماني من صافرة التحكيم إلى كرسي الاتحاد، وهو لا يملك فن التسيير، لكن تربطه علاقة أكاديمية بعالم الرياضة لكونه خريج كلية التربية البدنية بليبيا، وقد طرق باب عالم المستديرة من بوابة التحكيم، وارتدى قميص القضاء الكروي، وقاد أول مباراة في الدوري الليبي عام 1998 بين الترسانة والنجمة. وكانت أول مباراة دولية سيّرها بين سان جورج الإثيوبي والهلال السوداني، وقد حكّم 800 مباراة محلية و90 مباراة دولية.

يحاول الشلماني في ظل الظروف الراهنة في ليبيا تسيير إدارة الاتحاد بحكمة في محاولة لتلميع صورة الكرة الليبية التي خفت بريقها في السنوات الأخيرة لاسيما في المحفل الإفريقي. ولم يكن للعديد من رؤساء أندية الاتحادات العربية علاقة وطيدة بكرة القدم، لكنهم حصلوا على ثقة الناخبين وتبوؤوا منصب الرئيس؛ مثل الملك علي بن الحسين رئيس الاتحاد الأردني (خريج أكاديمية عسكرية)، وياسر المسحل رئيس الاتحاد السعودي حاصل على بكالوريوس الإدارة الصناعية.

Image
Artboard 30 copy 13.png