يحلو لكل الجماهير المغربية والعربية أن تطلق على لاعبي منتخب المغرب المتألقين في كأس العالم قطر 2022 لقب (أسود الأطلس)، وهو لقب ليس جديدًا عليهم ولكنه يرتبط دائمًا بنتائجهم الجيدة وأدائهم الممتاز.
وما قدمه المنتخب المغربي في مونديال قطر كان مبهرًا بالتأهل إلى نصف النهائي للمرة الأولى في تاريخ أفريقيا بعد عبور ثلاثة منتخبات أوروبية جبارة، بلجيكا ثم إسبانيا ثم البرتغال.
لكن النهاية في المونديال لم تكن سعيدة بنفس القدر بعد خسارتين متتاليتين أمام منتخب فرنسا 2-0 في نصف النهائي ثم أمام منتخب كرواتيا 2-1 في مباراة المركز الثالث، وقلل من السعادة والفخر ما صاحب المباراة الأخيرة من تراجع بدني واضح لمعظم لاعبي الفريق ثم موجة اعتراضات غير مسبوقة وغير مبررة من لاعبي المغرب بقيادة المهذب جدًا أشرف حكيمي على الحكم القطري عبد الرحمن الجاسم ثم التفافهم غير المقبول حوله بعد صافرة النهاية في أكبر اعتراض لأي فريق على التحكيم خلال البطولة.
دعنا نفسر الأمرين.. هبوط المستوى البدني وموجة الاعتراضات غير المسبوقة، وأبدأ بالإشارة إلى أن وصف لاعبي المغرب بالأسود لا يمنحهم أبدًا درجة أعلى من درجات البشر أصحاب القدرات البدنية الطبيعية وليست الخارقة لأنهم ليسوا من فصيلة الأسود.. وهم أيضًا بشر من أصحاب الانفعالات المتباينة لأنهم ليسوا ملائكة.
التدني البدني متوقع بعد 6 مباريات بالغة القوة في 22 يومًا فقط.. وكلها على أعلى مستوى من بذل الجهد والضغوط العصبية والمسؤولية الجسيمة.
ولم يسبق لأي لاعب مغربي في تاريخ اللعبة أن تعرض لتلك الضغوط والمجهودات.. ولا لوم عليهم في تراجع الجانب البدني.
أما الانفلات العصبي فمرجعه إلى الظلم البشع الذي تعرضوا له من الحكم المكسيكي راموس في مباراة المغرب وفرنسا والذي حرمهم من ركلتي جزاء مؤكدتين وقلب تفوقهم وأحقيتهم بالفوز والتأهل إلى هزيمة وخروج، وزاد من إحساسهم بالظلم ما قاله كل خبراء التحكيم بعد المباراة من تأكيدات على انحياز الحكم ضد المغرب، وما فعلته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بالاحتجاج رسميًّا ضد الحكم لدى الفيفا، وهو ما أدى إلى نزول لاعبي المغرب للقاء كرواتيا مشحونين ضد أي قرار دون النظر لاسم الحكم أو جنسيته، وكان القطري الجاسم هو ضحية تلك الانفعالات الزائدة.
أنتهي إلى ما بدأت به؛ أن لاعبي المغرب بشر وليسوا أسودًا أو ملائكة.. ولهم العذر في ما فعلوا، وستظل أسماؤهم خالدة في تاريخ الكرة العالمية والأفريقية والعربية والمغربية بحروف من ذهب.