في مشهد بات مألوفًا لعشاق الرياضة التونسية، ارتفع علم تونس عاليًا في سماء سنغافورة، بفضل تألق السباح الشاب أحمد الجوادي الذي واصل كتابة التاريخ بأحرف من ذهب، محققًا إنجازين غير مسبوقين في بطولة العالم للسباحة 2025.
موهبة تصنع المجد
ابن الـ20 ربيعًا، القادم من العاصمة تونس، أثبت مرة أخرى أن مستقبله لا يُقاس بالعمر بل بالعزيمة والإصرار. الجوادي، الذي بزغ اسمه منذ أولمبياد باريس 2024، دخل بطولة العالم الأخيرة بصفته واحدًا من أبرز المرشحين لاعتلاء منصات التتويج — ولم يُخيّب التوقعات.
ذهبية 800 متر… والتاريخ يُفتح من جديد
في سباق ناري جرى يوم 30 يوليو، أبهر أحمد العالم حين حقق زمنًا قدره 7.36.88 دقائق في سباق 800 متر سباحة حرة، ليحجز مقعده كثالث أسرع سباح في تاريخ هذه المسافة ضمن النظام "تيكستايل"، خلف أسطورة تونس أسامة الملولي والصيني زانغ لين.
الأداء لم يكن فقط رائعًا فنيًا، بل تكتيكيًا أيضًا، إذ أدار الجوادي السباق بذكاء حاد، محافظًا على طاقته للاندفاع في اللفات الأخيرة.
ذهبية ثانية في 1500 متر
ولم يتوقف الحلم عند هذا الحد، ففي 3 أغسطس عاد أحمد مجددًا للواجهة، محققًا ذهبيته الثانية في سباق 1500 متر بزمن بلغ 14.13.41 دقيقة، متفوقًا بفارق مريح على أبرز منافسيه من ألمانيا والولايات المتحدة. السباق كان برهاناً قاطعًا على لياقته البدنية الممتازة، واستعداده الذهني العالي.
معاناتي صنعتني
في تصريح مؤثر عقب تتويجه، تحدث الجوادي عن الأشهر العصيبة التي مر بها بعد أولمبياد باريس، والتي وصفها بأنها كانت "رحلة من الألم والصمت"، وقال: "عشتُ فترات من الاكتئاب والشك، لكنني قررت ألا أستسلم، عدت اليوم أقوى، بفضل الدعم من عائلتي ومدربي وفريقي الوطني".
قرار فني أثمر ذهبًا
الجهاز الفني في تونس اتخذ قرارًا حاسمًا قبيل البطولة، بإعفاء السباح الموهوب من خوض سباق 400 متر حرة، للتركيز الكامل على 800 و1500 متر — وهو قرار إستراتيجي أثبت صحته بعد التتويجين التاريخيين.
الجوادي بطل من ذهب… ووجه مشرق إلى تونس
إنجازات أحمد تعكس روح الرياضي التونسي الطموح، وتبعث برسالة أمل إلى كل شاب عربي بأن الوصول إلى العالمية ممكن بالإصرار والعمل الجاد. ومع هذه المسيرة المتنامية، تبدو أولمبياد لوس أنجلوس 2028 بمثابة المحطة التالية التي سيسعى فيها سباح تونس المتألق لكتابة فصل جديد في أسطورته.